بقلم : الطالبي عبد الصادق
تعد إشكالية العزوف عن القراءة من الأزمات التي يتخبط فيها الإنسان في دول العالم الثالث .مقارنة مع الإنسان هنالك في الغرب، فحيثما وليت وجهك شطر أوروبا إلا وشاهدت كل فرد يحمل بين يديه كتابا بغض النظر عن نوعية الكتاب ،ومحتواه ،أو حتى حجمه.
في كل مكان يقرؤون، سواء في المكتبات، الحدائق، المستشفيات ، الشواطئ، وسط الحافلات ،أو في قاعات الإنتظار …إن القراءة بهذا المعنى ثقافة شعب ، ودرجة وعيه بأهمية القراءة والكتاب.
فالقراءة عندهم نمط عيش، وطريقة تفكير، بل نظرة، أو رؤيا للعالم كما أسماها لوسيان غولدمان، أو كما اعترف بذلك نجيب محفوظ حينما قال : “أن الهزيمة الأكبر بحياتي هي أن أحرم من متعة القراءة بعد أن ضعف بصري”. غير أنه من ذهب إلى اعتبار القراءة لذة ومتعة، وكما قالت غادة السمان: “إن القراءة مثل المقامرة فكلما أخذت منها كلما شعرت بأنك بحاجة إلى المزيد منها”.
وما أثار استغرابي حقا-وأنا أتجول بين رفوف الكتب بدار الثقافة بطاطا – هو الغبار المتناثر هنا وهناك فوق الكتب، حتى كادت عنكبوت تنسج خيوطها بإحدى زوايا المكتبة، فضلا عن غياب القارئ الطاطاوي وكأنه مات منذ زمن بعيد، أو ربما تحول إلى فرد افتراضي يسبح في العالم الإفتراضي يلهو في مجموعات ” الشات” ومتناسيا واقعه المأساوي المتمثل في الأزمات التي تعيشها بلدته من فقر ، والتهميش، ونهب للأموال، وهدرها في مهرجانات البهرجة. دون تفكير مسبق للمسؤولين في بطالة الشباب، وغياب المرافق التعليمية ،والصحية.
ما أحوجنا -صدقا – إلى قارئ واع ينفض الغبار عن الكتب، ويمسح الدموع عنها، ويخلصها من شبح الهجران المخيف، و البحث عن ترياق مناسب لمرض العزوف عن القراءة الذي بات فيروسا فتاكا ينخر تفكير إنسان اليوم ، بل ويعيق تقدم وتنمية المجتمعات ، إذ لا تقدم ولا وعي في غياب القراءة ، بالقراءة يمكننا التفكير جديا، وبكل مسؤولية في كيفية النهوض ببلدتنا طاطا، والتخلص من كل الأدران التي تشوه صورتها، وتعيق عجلة التنمية فيها.