زراعة “الفصة” بماسة بين الأمس و اليوم

ماسة // اميمة بن الرامي – اسماء اشيبي – مينة المودن

“يروي لنا أجدادنا أن ساكنة ماسة كانت تستهلك و تعيش على ثرواتها الفلاحية التي تزرعها بنفسها، فكانت تغرق في خيرات لا تعد و لا تحصى، و ذلك بفضل المناخ المعتدل و التساقطات الغزيرة التي تعرفها المنطقة آنذاك، عكس يومنا هذا فمنطقة ماسة تعاني من جفاف واضح و تساقطات ضعيفة خصوصا خلال السنوات الأخيرة بالاضافة الى ملوحة المياه و تلوث مياه الوادي و نقص في الفرشاة المائية. حاليا ساكنة ماسة تقوم بزراعة الفصة على مدار السنة بالتناوب في بعض الاحيان مع مزروعات أخرى كالقمح و الشعير و الذرة”.

زراعة الفصة بماسة:
تنتشر الفصة عموما في منطقة حوض البحر الابيض المتوسط و لها أهمية إقتصادية كبيرة، حيث يمكن إستعمالها لتغذية الحيوانات المختلفة. فمنطقة ماسة معروفة منذ القدم بزراعة الفصة بما أنها تتأقلم بشكل جيد مع التغيرات المناخية.

و من أجل معرفة كيفية زراعة الفصة بالمنطقة و كيفية الإستفادة منها، قمنا بزيارة أحد الفلاحين في حقله و قد أخبرنا بأن الفصة يتم زراعتها عن طريق نثر البذور فوق التربة شريطة الا يزيد عمق البذرة عن 2 سنتمتر. و أن تكون التربة رطبة أي مسقية بشكل جيد عن طريق القنوات، حيث يتم جلب المياه من الابار. بعد زراعة البذور يتم تزويد التربة بالاسمدة العضوية (روت البهائم).

تتم عملية زرع الفصة في فصل الصيف لأن التربة تمتص الحرارة التي تساعد على نمو النبتة بشكل جيد، أما في فصل الشتاء فالتربة تصبح باردة حيث يجعل النبتة تنمو ببطيء.

يتطلب نمو نبتة الفصة شهر و نصف، و خلال هذه المدة يعطى للحقل ريات هادئة متتالية لمنع تصلب سطح التربة. و بعد إنباتها يمكن أن تروى رية واحدة قبل الحش بيومين و يجب كذلك مراقبتها لكي لا تظهر عليها علامات العطش. بعد الحش يمكن للنبتة أن تنمو تلقائيا من جديد فهي لا تحتاج الى زراعة البذور مرة أخرى، و يمكنها أن تعيش مدة 5 سنوات.

للفصة قدرة على تثبيت الاوزوت الجوي من خلال علاقة التعايش مع بكتيريات عنقودية التي تعيش على جذورالنبتة، وبذلك تساهم هذه النباتات في زيادة خصوبة التربة و تقليل الإعتماد على الأسمدة الكيماوية.

إذن فبعد مرور 5 سنوات على الفصة، يمكن زراعة محاصيل القمح أو الذرة أو الشعير حتى تستفيد من الازوت المتراكم في التربة، كذلك يجب عدم زراعة الفصة في التربة فترتين متتاليتين لأن ذلك يساهم في ازدياد نسبة الأمراض و الديدان الحلقية(nématodes) في التربة.

الفصة و مشاكلها:
غالبا لا تواجه الفصة مشاكل عدة، إلا أنها تصبح في بعض الحالات عرضة للإفتراس من طرف الديدان و الحلزونيات لذلك يضطر الفلاح الى إستعمال المبيدات الحشرية للتخلص منها، خصوصا في فصل الصيف أما في فصل الشتاء فالبرد يساعد على القضاء عليها.

في بعض المناطق القريبة من وادي ماسة تعاني من مشكل ملوحة مياه الآبار، الشيء الذي يؤثر سلبا على المزروعات المسقية بهذه المياه، مما يسبب في إصفرار الأوراق و انكماشها. ظهور بقع بيضاء على سطح التربة دليل على وجود الملح في المياه.

الفصة و مدخولها الفردي:
يقوم فلاحوا منطقة ماسة بقص المحصول و تقديمه إلى الأغنام و الأبقار في الحظائر أو بكراء قطعة من الحقل لشخص آخر ليستفيد من الفصة الموجودة فيه، و في حالات جد نادرة الى منعدمة يقوم الفلاح بتجفيف الفصة بعد قصها و تقدم للحيوانات عند الحاجة او يتم بيعها. كما يمكن استغلال الفصة لجني البذور، حيث يتم قطع الجزء العلوي من النبتة الناضجة الذي يحتوي على البذور ثم يتم تجفيفه و غربلته قصد التخلص من الشوائب لتبقى البذرة فقط ليتم زرعها من جديد.

على العموم فالفلاحون يقومون بحش الفصة قصد إطعام الماشية و خصوصا الأبقار لتنتج كمية وافرة من الحليب قصد بيعه لتعاونيات المنطقة التابعة لكوباك (COPAG) القاطنة بمدينة تارودانت و خلال كل 15 يوم يحصل المزارع من هذه التعاونيات على مدخوله الخاص. بالإضافة الى ذلك فكل منخرط في التعاونية يملك 10 سنتيم من الاسهم مقابل كل لترمن الحليب و عند مرور سنة يقوم اعضاء شركة كوباك بعقد اجتماع عام مع المنخرطين لمعرفة كيفية صرف مبلغ الاسهم المتراكم و يتفقون إما على صرف المبلغ المستحق او استثماره في مشاريع اخرى كإستيراد الابقار أو توسيع التعاونيات.

عن nadra

شاهد أيضاً

حفيظ ابن احمد.. الحرب على غزة تقسم الراي العام الفرنسي والملكية هي العمود الفقري لاستقرار المغرب. ج2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *