نظرة: حفيظ إبن أحمد المغربي
الرحمة الإنسانية هي روح الحضارة الممتدة، التي تحصن الحضارات و الثقافات، مهما حاولت الدول العدوان عليها و إسقاطها، و إن احترام إنسانية الإنسان يبقى هو مقياس الحضارة السليمة في كل العصور !!
و لعلي أقول: إن الإكراه، و الاغتصاب، و الظلم، و الهيمنة، و الفتنة، و الإقصاء لثقافات و خصوصيات ( الآخر ) الذي يمثل في حقيقته إلغاء له، هو أشد خطورة من قتله و إنهاء حياته، و التاريخ و الحاضر يحمل لنا الكثير من التضحيات بالنفس و المال و سائر المجاهدات بكل الوسائل لدرء الفتنة و الإكراه !!
و حسبي القول: إن بعض أهداف الدفاع في الشرع و مشروعيته إنما تقرر لنفي الفتنة، و إزالة الضغوط، و تقرير حرية الاختيار، و حماية إنسانية الإنسان و حقوقه !!
و يبقى شعار الشرع الحنيف الكبير، الذي يمكنه من النفوس و يميزه ثقافيا و حضاريا، و يضمن خلوده و قبوله و استمراره، هو مبدأ : لا إكراه !!
و في تصوري، أن سوء التقدير، و غياب الفهم للخصوصيات الثقافية، و الصور المشوهة، التي ينقلها أصحاب العمالة الثقافية و السياسية في عالم المسلمين لاستعداء أسيادهم، الذين يريدون التحكم بالعالم، و إغرائهم بغزو ( الآخر )، هي وراء الكثير من الفشل و الورطات و المآزق و الخيبات التي يمنون بها و يمارسونها باسم الحرية و الديموقراطية و الإصلاح و إنقاذ حقوق الإنسان، و بذلك يوسعون الشقة و يوقظون الكراهية، و يصنعون الإرهاب، أو يصنعون العدو، حيث وجود العدو أصبح جزءاً من بنية النظام و فلسفته، و لا يعزب عن بال أحد أن بنية النظام في الغرب و فلسفته إنما قامت و تأسست و اخترعت و أنتجت و التهمت العقول و الخبرات في العالم و حولت العلم و التكنولوجيا إلى ميادين إنتاج وسائل الهيمنة و السيطرة و المواجهة، حتى أصبح ذلك نسقا فلسفيا و معرفيا و مناخا ثقافيا !!