نقل الاختصاصات بين الجهة والدولة تقتضي ضرورة البحث الجماعي عن الحلول الممكنة لتجاوز الصعوبات الحالية

أكد متدخلون في الملتقى البرلماني الثالث للجهات، اليوم الأربعاء بالرباط، أن الوضعية الغامضة التي تواجهها الجهات بخصوص نقل الاختصاصات بينها وبين الدولة تقتضي ضرورة التفكير والبحث الجماعي عن الحلول الممكنة لتجاوز الصعوبات الحالية.

وأبرز المشاركون في الورشة الأولى، المنعقدة في إطار الملتقى البرلماني الثالث للجهات الذي نظمه مجلس المستشارين بشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وجمعية رؤساء الجهات والجمعية المغربية لرؤساء الجماعات، حول موضوع “الاختصاصات الجهوية: الإمكانيات المتاحة وإكراهات الممارسة”، أنه بات من الضروري، واعتبارا للأهمية التي منحها المشرع للجهوية المتقدمة، تكثيف الجهود من أجل تفعيل المقتضيات المتعلقة بنقل الاختصاصات بين الجهة والدولة وتدبير الاختصاصات المشتركة بينهما.

وفي هذا الصدد، اعتبرت ممثلة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مينة الروشاطي، أنه رغم المجهودات المبذولة من طرف السلطات المعنية لتنزيل مقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بالجهات والمراسيم التطبيقية، لا زالت الاختصاصات الذاتية للجهة، التي تعد مبدئيا مهاما جوهرية وأصيلة، غير محددة بالدقة المطلوبة، مبرزة أن هذا الوضع يحول دون مزاولة هذه الاختصاصات من قبل المجالس الحهوية بالطريقة المنصوص عليها في القانون التنظيمي.

وبخصوص الاختصاصات المشتركة بين الجهة والدولة، تضيف الروشاطي، فإن آليات إقدام الجهات على ممارستها غير متاحة وواضحة بما فيه الكفاية، في حين لم تسجل بعد أية مبادرة تتيح للدولة التنازل لفائدة الجهات على جزء من اختصاصاتها المنقولة، مبرزة أنه وبغية تعبيد الطريق أمام التحقيق الفعلي لتقاسم الصلاحيات، شدد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على ضرورة تحديد حد أدنى موحد من الاختصاصات والأنشطة التي سيتم نقلها إلى كل الجهات.

وبالنسبة للإمكانيات المتاحة لنقل الاختصاصات، فقد أكدت أن تنزيل الجهوية يتطلب قيادة متواصلة ودقيقة من خلال إحداث هيئة عليا للقيادة، تتكفل بالمراقبة والتوجيه والتحكيم واتخاذ قرارت استراتيجية من قبيل نقل الاختصاصات ونقل الموارد والتقييم والتتبع، مضيفة أن نقل الاختصاصات المشتركة بين الجهة والدولة أضحى يتطلب الاطلاع على المستوى الحالي لتقدم مسلسل إعداد الميثاق الخاص بنقل الاختصاصات بين الجهة والدولة.

من جانبه، توقف ممثل وزارة الداخلية عزيز عبرات، عند المبادئ المؤطرة لاختصاصات الجهة والامكانيات المتاحة، إذ اعتبر أن مرجعية هذه الاختصاصات تستند أساسا إلى مقتضيات دستور المملكة لسنة 2011، والتي بوأت الجماعات الترابية مكانة الشريك المتميز للدولة.

وأضاف أن المشرع استعمل مصطلح الاختصاصات للتمييز بين الاختصاصات المخولة لكل جماعة ترابية على حدة مقارنة مع الجماعات الترابية الأخرى، حيث منحها تكريسا لمبدأ التفريع، اختصاصات ذاتية واختصاصات مشتركة وأخرى منقولة، مبرزا في هذا السياق، المبادئ التي تؤطر هذه الاختصاصات والمتمثلة على الخصوص، في مبدأ التدبير الحر ومبدأ التفريع الذي يعني إسناد الاختصاص للجماعة الترابية الأقرب للمواطن، ومبدأ التعاون والتضامن بين الجهات ومبدأ التدرج في نقل الاختصاصات المشتركة.

وسجل عبرات أن هذا التنوع في الاختصاصات يهدف إلى تمكين الجماعات الترابية من المساهمة، إلى جانب الدولة وفاعلين آخرين، في تحقيق التنمية المندمجة والمستدامة، من خلال تمكين هذه الجماعات الترابية ولا سيما الجهة، من الآليات والأدوات الضرورية لبلوغ حكامة جيدة في تدبير شؤنها وممارسة الاختصاصات الموكولة لها، معتبرا ان هذه الامكانيات المتاحة امام الجهة تبقى محدودة الفعالية في حالة عدم توفرها على الموارد البشرية والمادية اللازمة.

أما ممثل وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، عبد العزيز الهواري، فقد أكد بدوره أن الميثاق الوطني للاتمركز الإداري، الذي تم اعتماده من قبل الحكومة، يشكل عاملا حاسما في ترسيخ نظام الجهوية المتقدمة إن على مستوى الاختصاصات أو على مستوى الامكانيات، مشيرا إلى ان هذا الميثاق سيمكن أيضا من بناء علاقات جديدة بين إدارات الدولة والجماعات الترابية والمواطن.

وأبرز أن الأمر يتعلق هنا بآلية أساسية في الإصلاح وتسخير الإدارة لخدمة مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة في الاستفادة من الخدمة العمومية، مسجلا في هذا الإطار أن بلورة هذا الورش الإصلاحي جاءت تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية الواردة في العديد من الخطب، والتي حث جلالة الملك من خلالها على ضرورة إعداد ميثاق حقيقي للاتمركز الإداري.

واستعرض، في هذا الإطار، أهم مرتكزات هذا الميثاق، والمتمثلة في الجهة باعتبارها الفضاء الترابي الملائم لتنفيذ توجهات الدولة المتعلقة باللاتمركز الإداري، والدور المحوري لوالي الجهة باعتباره ممثلا للسلطة المركزية على مستوى الجهة، وفاعلا محوريا لتنسيق أنشطة المصالح اللاممركزة، معتبرا أن هذا الميثاق يتوخى من خلال تصوره وما تضمنه من مقتضيات، بلوغ أهداف رئيسة تتمثل على الخصوص في مواكبة التنظيم الترابي اللامركزي للمملكة، والتوطين الترابي للسياسات العمومية، وتقريب الخدمات العمومية التي تقدمها الدولة للمرتفقين، أشخاصا ذاتيين كانوا او اعتباريين.

يشار إلى أن الملتقى شهد، بالإضافة إلى هذه الورشة، تنظيم ورشتين تتعلق الأولى بـ”الشراكة ومتطلبات الحكامة الجهوية””، فيما تطرقت الثانية إلى “الديمقراطية التشاركية ورهانات تفعيل الهيئات الاستشارية الجهوية”.

وترتكز فعاليات النسخة الثالثة للملتقى البرلماني للجهات، التي تنظم بدعم من شركاء المجلس الدوليين، على ما تحقق من تطور في مجالات الاختصاص والحكامة والاستشارة، عبر محاور تتعلق بـ”الاختصاصات الجهوية، والإمكانيات المتاحة وإكراهات الممارسة”، و”الشراكة ومتطلبات الحكامة الجهوية”، و”الديمقراطية التشاركية ورهانات تفعيل الهيئات الاستشارية الجهوية”.

عن nadra

شاهد أيضاً

eau

بركة.. الحكومة ستواصل مجهوداتها لضمان الأمن المائي للمواطنين

أكد نزار بركة وزير التجهيز و الماء بأن الحكومة ستواصل مجهوداتها لضمان التدبير الأمثل للموارد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *