الحقيقة التي لابد من الاعتراف بها

نظرة: حفيظ إبن أحمد المغربي

الحقيقة التي لابد من الاعتراف بها : أن ال ي ه و د تاريخيا، كانوا الأقدر على الإفادة من سنة التدافع الحضاري … و لعل ذلك بسبب قلة مساحتهم البشرية، و اعتقادهم بالتميز، و افتقادهم للقوة .. و كانوا الأقدر على اعتلاء المنابر الفاعلة، و التحقق بالاختصاصات المؤثرة، و جعل التخصص في خدمة الفكرة و العقيدة … كما لابد أن نعترف بأن وصولهم إلى هذه الأزرار الاجتماعية، التي يضغطون عليها من خلالها على العالم، لم يأت من فراغ، و إنما من تقدير و تدبير و معاناة، و قراءة للواقع العالمي، و رسم المداخل الصحيحة للاندماج به، و التعامل معه، و عدم الذوبان فيه، و احتلال كل المواقع و التخصصات المؤثرة؛ في الوقت الذي لا يزال الكثير من الغوغائية يسيطر على بعض العقول التي تنتسب إلى الإسلام، و تتبارى في القدرة على الخطب و الحماس، و رفع الأصوات و سماكة الحناجر !!

حتى الكثير من المسلمين الذين ذهبوا إلى بلاد الحضارة الغربية، إما أن ينتهي معظمهم إلى مقابر الحضارة في الغرب، و يصبح دماء في شرايينها، بعيدا عن الشاكلة الثقافية الإسلامية المطلوبة، و إما أن ينتهي إلى مزابل الحضارة و قذارتها الجنسية … و أما الباقون في العالم الإسلامي، فمعظمهم يمارسون حالة الانتظار لسقوط الحضارة لصالحهم، دون أو يقدموا لذلك شيئا يذكر !! بحال هذاك لي تحت الشجرة كينتظر الشنفة د جمل طيح !!

أدرك الي ه و د بشكل مبكر، دور التخصص، و إتقان العمل، في التحكم بالمجتمعات، و التأثير فيها، فكان منهم العلماء و المفكرون و الباحثون، الذين يحتلون اليوم معظم المنابر العلمية و التقنية المؤثرة، سواءً في تلك العلوم الإنسانية، أو التطبيقية على حد سواء …ففي علم النفس و علم الاقتصاد و الاجتماع و الكيمياء و الفيزياء و علوم الذرة و علوم الأسلحة الاستراتيجية، و في الجامعات و مراكز البحوث و الدراسات و في مجال الصحافة و الإعلام و الإنتاج و السينما لهم ريادات و قيادات .. فرويد و دور كهايم ، إنشتاين و وايزمن في الكيمياء و غيرهم من حاخامات العلم !!

فهم تاريخيا، لم يقتصروا على صناعة الزعامات، و إيصالها إلى الحكم، و المكوث في ظلها كمستشارين و خبراء، و التحالف معها، و توظيفها لتحقيق أهدافهم، و إنما تجاوزوا تلك الصورة البسيطة إلى الوصول إلى مراكز التحكم و الفاعلية، و ذلك بتوفير طاقاتهم للاختصاصات المؤثرة، و المنابر الفاعلة، التي تجعل الدول و المؤسسات، ذات النفوذ و القدرة في دائرة التحكم .. فالتحالف مع الأقوياء، لا ينطبق على الأشخاص و الدول و الزعامات فقط، و إنما التحالف مع التخصصات المتحكمة في المجتمع، هو الأخطر أيضا .

و المسلمون اليوم، قد لا ينقصهم العقل، و لا التخصص، و لا القدرات المالية، و لا غيرها، و إنما الذي ينقصهم القدرة على الخروج من دائرة التحكم، و إعادة تشكيل العقل المسلم وفق النسق الإسلامي، و المنهج الإسلامي، و الفاعلية الإسلامية، و الهدف الإسلامي، ليكون العلم و المعرفة في خدمة الرسالة و الفلسفة الإسلامية … ينقصهم التشكيل الثقافي ليصلوا إلى مرحلة جعل العلم في خدمة العقيدة .. فكثيرا ما تفوق المسلم في جامعات الغرب علميا على الي ه و د ي، و كانت درجاته أكثر تميزا، لكن ال ي ه و د ي يبقى أكثر فاعلية و تأثيرا، و ما ذلك إلا لغياب التشكيل الثقافي السليم، الذي يدع المسلم نسخة من كتاب، بدل أن يكون إنسانا فاعلا !!

فلو تحقق ذلك، لكنا في مستوى إسلامنا و عصرنا، و لأمكننا أن نحقق المناعة الحضارية و الثقافية، و أن نحمل للعالم الرحمة و الخير، و نقضي على نزعات التعصب و العنصرية، و التمييز، فدين الله – سبحانه – أسمى من أن يكون وسيلة للظلم، و منزعا للإرهاب و الإرعاب و التمييز، و إلغاء حرية الاختيار، و تسليط الإنسان على الإنسان …

عن admin

شاهد أيضاً

الدار البيضاء.. الدورة ال32 للملتقى الدولي للطالب أيام 18/19/20/21 أبريل الجاري

تحتضن مدينة الدار البيضاء فعاليات الدورة ال32 للملتقى الدولي للطالب وذلك أيام 18/19/20/21 أبريل الجاري …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *